تعديل

التسميات

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

وبتقولوا الناس بتلحد ليه؟! خالد البرى

ول ما لفت نظرى فى الحلقة التى قدمتها ريهام السهلى مع «مواطن ملحد» قائمة الضيوف. سلطة الإعلام ممثلة فى المذيعة، تستضيف كونسلتو مكونًا من سلطة الدين «أستاذ فى كلية الشريعة»، والسلطة التنفيذية «رائد شرطة»، والسلطة القانونية «المتحدث باسم هيئة قضايا الدولة»، والسلطة الاجتماعية «والدة المواطن».
كل هؤلاء يقولون للمواطن عيب، اللى بتعمله دا عيب ومش مقبول، ومش بس عيب دا جريمة لها عقوبة فى القانون، والقانون ممكن يحرك السلطة التنفيذية لاتخاذ إجراءات ضدك زى ما عمل مع شريف جابر، إلا طبعًا لو أبوك وأمك عرفوا يلموك. طبعًا المواطن ضيف برضه. لكن لا يُعامل على أنه ضيف، بقدر ما يعامل على أنه حالة للدراسة.
أستاذ الشريعة يؤكد تمامًا أن حرية الاعتقاد مكفولة فى الإسلام. لكنه يستدرك مفرقًا بين الحرية الشخصية داخل بيتك وبين حرية الدعوة. هذه نفس دعاية تيارات الإسلام السياسى. يمنون على المواطنين أن تركوهم يعتقدون فى قلوبهم ما يشاؤون. وبالتالى فإن الاستدراك ينفى الموقف الأصلى. بأى معنى؟ نعم، الدين مع حرية العقيدة بينك وبين نفسك، لكن تطلع للحيز العام، لأ.
لو لم تقتنعى برجل الدين «المستنير»، فهناك الطبيب النفسى. رجل هادئ ومتفهم ولا يحب إطلاق الأحكام. ولا يرى أن التعبير عن عدم الإيمان بوجود إله جريمة ولو فى الحيز العام. لكنه، أيضا، يستدرك أن الجريمة ليست فى التعبير ذاته، إنما فى الدعوة إلى سلوك مختلف عن سلوك المجتمع.
هو إيه الغرض من أى توجه فكرى فى العالم وفى التاريخ؟ مش تغيير سلوك الناس؟ لولا تغيير سلوك الناس لكانت النساء المصريات الآن لا يزلن فى البيوت، ربما يكافحن من أجل حق قيادة السيارة، وطبعًا طبعًا منتقبات لا يسافرن إلى الخارج إلا بمحرم. وقطعًا، لسن مذيعات فى التليفزيون، كاشفات الرأس. الناس الذين غيروا سلوك المجتمع تجاه النساء، وخلوا ست مسلمة تطلع بشعرها فى مجتمع مسلم، كانوا دعاة إلى تغيير فى سلوك الناس، واتهموا وقتها بالسعى إلى «تخريب عقيدة المسلمين». ما سمعناش، بغض النظر عن موقف أى فرد من الإلحاد، عن رجال دين بيقودوا مظاهرات تحرر المرأة، ولا حتى مساواتها بالرجل قانونيًّا واجتماعيًّا.
وبهذا الترتيب تمضى الحلقة. بعد رأى الطب النفسى ندخل على القانون، سيادة المستشار المتحدث باسم هيئة قضايا الدولة يكرر موقف أستاذ الشريعة ويزيد عليه: حرية عقيدة فى بيتك، تخرج من بيتك يبقى لازم تلتزم بالنظام العام.... والشريعة الإسلامية لا تعترف سوى بالأديان الثلاثة. هذا هو النظام العام. الأديان الثلاثة وما سوى ذلك لا يعترف به.
هنا يتدخل أستاذ الشريعة مطمئنا إلى دعم القانون ويتطوع بالشرح، ويتطوع أيضا بالتصريح بما لم يصرح به فى بداية الحلقة، وهو يؤكد حرية الاعتقاد، فيقول إن الجناية فى الإسلام جناية حسية ومعنوية. الجناية الحسية معروفة. والجناية المعنوية تشمل تضليل العقل.. «يا صلاة النبى!».
المذيعة زعلانة، وأستاذ الشريعة زعلان، والدكتور النفسانى زعلان، والمستشار زعلان، ورائد الشرطة زعلان، وأم المواطن -إدراكًا لما يعنيه هذا- زعلانة. تحالف قوى الشعب العاملة كلها زعلانة من الأخ الملحد، وبتفهمه إنه مالوش مكان بيننا، وبتتوعده بسيف القانون، وبسلطة الدين... إلخ. والغرض؟ إن الدستور المصرى اللى أنتج لنا الإرهابيين من أول الإخوان المسلمين لغاية الجهاد الإسلامى يستمر زى ما هو، يستمر فى إنتاج نفس النموذج الفكرى الغريب. ما هو حضراتكم مسؤولين عن التطرف اللى إحنا عايشين فيه، لأنكم ما بتسمحوش بأن الأفكار تتنافس فتتهذب جميعها وتتعلم كيف تتعايش معا، كما فى المجتمعات المتقدمة. اللى مش بتلاحق حد علشان بيقول إنه مسلم، ولا إنه بيدعو إلى الإسلام، رغم إنه مخالف للعرف السائد. (طبعًا مش هتسمح ببناء مسجد، ولا كنيسة، قدام البيت الأبيض.. بلاش هبل والنبى!).
مذيعة، امرأة، كاشفة الشعر، بتقول لك أنا كل اللى أنا فيه دا من الدين. ههههه. وأستاذ شريعة بيقول لك الإسلام يدعو إلى تشغيل العقل والإيمان عن طريق الاقتناع، وبعدين يرجع يقول لك مينفعش تعبر عن رأيك بخصوص وجود إله من عدمه لأن دا هيستلزم التشكيك فى العقائد الدينية، وبالتالى دا ازدراء أديان. طيب أومال الاقتناع إيه معناه لو مش هتسمع آراء متقابلة؟!
وبتقولوا الناس بتلحد ليه؟ الناس بتلحد من الخنقة!
المصدر :
التحرير

0 التعليقات :

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets