تعديل

التسميات

الخميس، 21 نوفمبر 2013

حدث مرةً أن أتى القديسُ بولس البسيط تلميذ الأب أنطونيوس إلى الإسقيط، لافتقادِ الإخوةِ كعادتِه، ولما دخلوا الكنيسةَ ليكملوا القداسَ، كان








قصه من بستان الرهبان حدث مرةً أن أتى القديسُ بولس البسيط تلميذ الأب أنطونيوس إلى الإسقيط، لافتقادِ الإخوةِ كعادتِه، ولما دخلوا الكنيسةَ ليكملوا القداسَ، كان يتأمل كلَّ واحدٍ من الداخلين، ويعرف الحالَ التي عليها نفسُه، وكان يرى مناظِرَهم بهجةً، وملائكتهم يتبعونهم مسرورين، وعاين أحدَهم أَسودَ كلَّه، وشياطينٌ سمجةٌ تحيط به يجرُّونه، وملاكُه يتبعه من بعيدٍ عابساً، فلما رأى ذلك بكى وقرع صدرَه مراتٍ، وخرج من الكنيسةِ باكياً، فخرج الإخوةُ إليه قائلين: «لماذا تبكي يا أبانا»؟ وطلبوا إليه أن يدخلَ معهم للقداسِ، فامتنع وجلس على بابِ الكنيسةِ منتحباً جداً. ولما كَملت الصلاةُ وخرجوا، كان يتأمل إليهم أيضاً، مؤثراً أن يعرفَ خروجَهم، فرأى ذلك الأخَ الذي كان قد دخل على تلك الحالِ السمجةِ، قد خرج بهيَّ الوجهِ، أبيضَ الجسمِ، وملاكُه ملاصقٌ به مسروراً، والشياطين يتبعونه وهم مكمَّدين. وإن القديسَ بولس صفَّق بيديه مسروراً ووثب بفرحٍ عظيمٍ مباركاً الله أبا الصلاحِ، بصوتٍ عالٍ قائلاً: «هلموا أبصروا أعمالَ اللهِ المرهوبةَ المستحقةَ كلَّ ذهولٍ وعجبٍ، هلموا أبصروا أعمالَ إلهِنا الصالح، الذي يشاء خلاصَ كلّ الناسِ، ومحبته للبشر التي لا يُلفظ بها، هلموا نسجد ونخرُّ قائلين: أنت وحدُك يا إلهنا قادرٌ أن تنزعَ كلَّ خطيةٍ». فحضر الكلُّ لسماعِ أقواله، فأخبرهم بما ظهر له، وسأل ذلك الأخَ أن يُعرِّفه السببَ الذي من أجلهِ وهب الله له تبديلَ تلك الحالِ نقيةً. فقال بمحضرٍ من الكلِّ: «إني منذ زمانٍ طويلٍ عائشٌ في النجاسةِ إلى أبعدِ غايةٍ، فلما رأيتُ الأب باكياً جداً، ابتدأ قلبي فيَّ أن يتخذَ إحساساً، فأنصتُّ إلى القراءات، فسمعتُ إشعياءَ يقول: اغتسلوا، صيروا أنقياءَ ، أزيلوا شرورَكم من أمامَ عيني، تعلَّموا أن تصنعوا حسناً، وتعالوا نتناظر يقول الربُّ، إن كانت خطاياكم كالبرفير تبيضّ كالثلجِ وإن احمرت كالبقم (كالدودي)، أجعلها كالصوفِ النقي. فلما سمعتُ أنا الخاطئ هذا الكلام، ضعف قلبي وقلتُ أمام الله: أنت الإله المتحنن الذي أتيتَ لخلاصِ الخطاةِ، يا من قلتَ إنه يكون فرحٌ في السماءِ قدام ملائكةِ الله بخاطئ واحدٍ يتوب، والآن يا ربي، ما وعدتَ به بفمِ نبيك تممه فيَّ أنا الخاطئ، واقبلني إليك تائباً، وها أنا منذ الآن لا أصنعُ شيئاً مما كنتُ أصنعه من الآثامِ، وسوف أخدمك بكلِّ طهارةٍ إلى آخرِ نسمةٍ من حياتي. وعلى هذا خرجتُ من الكنيسةِ». فلما سمع الآباءُ ذلك صرخوا بصوتٍ واحدٍ قائلين: «لقد عَظُمت أعمالك يا ربُّ، كلَّها بحكمةٍ صنعتَ». ومن ذلك الوقتِ عاش ذلك الأخُ بكل نقاوةٍ وأرضى الله بسيرةٍ فاضلةٍ، فعلينا ألا نقطعَ رجاءَنا من مراحمِ إلهِنا، لأننا إذا أتينا إليه، لا يطالبنا بسالفِ أعمالِنا، لأنه كوعدِه الصادقِ يغسل الراجعين إليه بكلِّ قلوبهم ويبيِّضهم كالثلجِ. له المجد دائماً.

 

المصدر:

منتدى رب المجد

0 التعليقات :

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets